اللاجئون في الدنمارك يترقبون التطورات المتعلقة بسياسة الهجرة

يترقب اللاجئون الأجانب عموماً والسوريون خصوصاً في الدنمارك، أي تطورات تتعلق بسياسة الهجرة والتي قد تشهد تغيرات في البلاد بعد فوز ميته فريدريكسن والتي تقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وعلى الرغم من تخفيف الحكومة الدنماركية الاشتراكية من موقفها الذي اتبعته منذ الحملة الانتخابية، حيال قضية اللجوء، إلا أن عودة الاشتراكيين الديمقراطيين إلى الحكم قد لا تغير الكثير في سياسة اللجوء التي تتبعها الدنمارك.
ونشر موقع دويتشه فيله تقريراً تحت عنوان هل سيؤثر تغيير الحكومة الدنماركية على اللاجئين، يرصد فيه جملة التغيرات ويتوقع التغيرات التي قد تطرأ على ملف الهجرة.
وتعد "فريدريكسن" البالغة من العمر 41 عاماً أصغر رئيس وزراء للدنمارك وثاني امرأة تشغل هذا المنصب بعد "هيله تورنينغ شميت" التي تولت رئاسة الوزراء عام 2011 قبل رئيس الوزراء السابق "لارس لوكه راسموسن".
وبعد ثلاثة أسابيع من المحادثات مع ثلاثة أحزاب يسارية أخرى تمكنت رئيسة الوزراء من الوصول إلى اتفاق من أجل تشكيل الحكومة  وهو ما يطرح تساؤلات حول طبيعة هذا الاتفاق وسياسة الحكومة الجديدة تجاه الهجرة.
وقدم حزب فريدريكسن في وقتٍ سابق الدعم للحزب الحاكم السابق في سياسة الهجرة، حيث صوت معه من أجل حظر ارتداء البرقع والنقاب في الأماكن العامة. وكذلك على ما يسمى مشروع قانون المجوهرات والذي أعطى الشرطة الحق في مصادرة مجوهرات المهاجرين في حالات معينة وذلك من أجل دعم ميزانية رعاية اللجوء واللاجئين.
كما أيدوا اقتراحاً في عام 2018 دعا إلى وضع طالبي اللجوء في مراكز استقبال خارج أوروبا، وقبيل الانتخابات اقترحت فريدريكسن وضع حد أقصى للمهاجرين "غير الغربيين" المسموح لهم بدخول البلاد.
 ومنذ عام 2016 رفضت الدنمارك الالتزام بحصتها السنوية لاستقبال اللاجئين ضمن برنامج إعادة التوطين للأمم المتحدة والمقدرة بـ 500 لاجئ.
وكانت قد توصلت فريدريكسن وثلاثة أحزاب أخرى إلى اتفاق من 18 صفحة من أجل الحصول على دعم في تشكيل الحكومة، حيث كان على فريدريكسن تقديم بعض التنازلات للسياسات الأكثر مرونة بشأن الهجرة التي تتبعها الأطراف الثلاثة الأخرى في الكتلة.
وفقًا لصحيفة "The Local" الدنماركية، قالت فريدريكسن في نهاية حزيران الفائت إنها ستظل تولي اهتماماً كبيراً بقضية اللجوء المؤقت وقضية الإعادة إلى الوطن، موضحةً "عندما تكون لاجئًا وتأتي إلى الدنمارك ، فيمكننا منحك حمايتنا. ولكن عندما يكون هناك سلام، يجب أن تعود إلى الوطن".

فيما أشار موقع "Refugees.DK" الذي يعنى بقضايا اللاجئين في الدنمارك إلى تطورات إيجابية للاجئين في الدنمارك منذ تنصيب الحكومة الجديدة، والموقع جزء من المنظمة الدنماركية غير الحكومية "اللاجئون أهلاً بكم" (والذي أنشأته مصممة الغرافيك السابقة ميكالا كلانتي بنديكسن التي فازت بجوائز عن عملها في مجال حقوق الإنسان).
ووفقاً للموقع الإلكتروني فإن "اللاجئين الذين قد يفقدون تصريح إقامتهم إذا تحسنت الظروف في بلدهم الأم، سيسمح لهم الآن بالبقاء إذا كان لديهم وظيفة مستمرة منذ مدة لا تقل عن عامين". وأشار إلى أن هذا التغيير الطفيف قد يمس قضية "بعض اللاجئين الصوماليين الـ 900 الذين فقدوا تصاريحهم خلال العام الماضي وأيضًا بالنسبة لبعض السوريين في المستقبل".
وأضاف الموقع أن من المزايا المهمة الأخرى أن جميع اللاجئين سيحصلون على نفس الحق في التعليم العالي المجاني. في السابق، لم يكن لأولئك الذين يتمتعون بوضعية الحماية المؤقتة الحق في التعليم المجاني. ومعظم اللاجئين السوريين في الدنمارك حاصلون على هذا النوع من الحماية.
ونقلت وكالة فرانس برس عن أستاذ العلوم السياسية بجامعة كوبنهاغن "كاسبر هانسن" قوله إن التغييرات التي تم الإعلان عنها لن تغير من قدوم المهاجرين إلى الدنمارك وأن القانون لن يتغير في هذه القضية.
كما أعلن موقع Refugees.DK أيضًا أن عائلات اللاجئين المقيمين في الدنمارك لمدة تقل عن تسع سنوات والذين كانوا يتلقون إعانات للمساعدة على الاندماج لن يحصلوا على معونات أقل حسبما أعلن في السابق. حيث كان من المفترض بحسب الإعلان في ميزانية 2019 قبل الانتخابات أن تتلقى تلك الأسر "إعانة خاصة للأطفال تُمنح مؤقتًا للأسر الأكثر فقراً التي لديها أطفال" ، بينما ستبدأ لجنة جديدة في النظر في توفير الدعم لمن يعيشون في فقر بشكل عام.
كما أن الحكومة الجديدة ستقبل مرة أخرى حصص الأمم المتحدة لإعادة التوطين وستنقل العائلات التي لديها أطفال من معسكرات شايلمارك شمال العاصمة كوبنهاغن ذو السمعة السيئة إلى مراكز أكثر إنسانية.
ووفقا لمديرة موقع Refugees.DK ميكالا كلانتي بنديكسن فإنه ومنذ ذروة عام 2015 فإن أعداد طالبي اللجوء الذين يصلون إلى الدنمارك في تناقص مستمر وكتبت على الموقع:"هناك حوالي 50 شخصًا فقط يتقدمون بطلب للجوء كل أسبوع الآن، وهو رقم منخفض تاريخيًا". في عام 2018، كان هناك 2600 طلب لجوء، تم قبول 1652 طلب. وثلث هؤلاء تقريباً أصبح لديهم تصريح إقامة بالفعل. وأفادت بنديكسن أن هناك 14 مخيماً فقط مخصص لطالبي اللجوء في الدنمارك، والذين يبلغ عددهم حاليا نحو 2800 شخص. 16 في المئة من هؤلاء قد تم بالفعل رفض طلباتهم ومن المقرر ترحيلهم.
بنديكسن وضّحت أيضاً أنه منذ عام 2013، كان غالبية اللاجئين سوريون، بيد أن الأفغان تفوقوا عليهم عام 2016 ثم أصبح الإريتريون في المقدمة عام 2018 ليعود السوريون ويصبحوا في المقدمة هذا العام (2019)، وتشير البيانات إلى أن نحو خمسة في المئة فقط من طالبي اللجوء في الدنمارك هم من القصر أي من غير المصحوبين من قبل ذويهم.
موقف رئيسة الوزراء فريدريكسن المتشدد بشأن الهجرة كان يتماهى مع سياسة متشددة اتبعتها الدول الاسكندنافية التي شهدت انتخاب أحزاب الوسط في السويد وفنلندا أيضًا. وقال بعض المحللين السياسيين إن هذه محاولة من قبل الاشتراكيين الديمقراطيين هي محاولة من أجل استعادة حصتهم من أصوات الطبقة العاملة التي ذهبت صوب الأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة. ومع ذلك، ووفقًا لصحيفة الغارديان، فقد ساهمت مرونة الاشتراكيين الديمقراطيين تجاه بعض قضايا اللاجئين في حصوله على دعم أكبر من قوى اليسار التي سمحت في نهاية المطاف في تشكيل الحكومة.
وتسبب تصريح وزيرة الهجرة في الدنمارك إنغر ستويبرغ على صفحتها على فيسبوك بقلق كبير في أوساط اللاجئين السوريين حيث قالت: "يبدو أن الظروف تحسنت في بعض مناطق سوريا.. تستأنف دائرة الهجرة الدنماركية الآن عددا من الحالات لمعرفة ما إذا كان اللاجئون الذين منحوا اللجوء بناء على الظروف العامة في محافظة دمشق، سيبقون في الدنمارك أو ما إذا كانوا سيعودون إلى ديارهم".
ويرى لاجئون سوريون أن الدنمارك ستنتهج سياسة جديدة حيالهم، ويعزون ذلك لصعود اليمين المتطرف واتفاق حكومة يمين الوسط مع حزب الشعب الدنماركي المتشدد على "القانون 140" الذي يسعى إلى إعادة اللاجئين إلى أوطانهم.
وأعدت الدنمارك دراسة مؤلفة من 70 صفحة للوضع الأمني في سوريا، يخلص إلى تحسن الوضع في بعض مناطق سوريا وخاصة محافظة دمشق، حيث تم ذكر "خفض عدد الحواجز الأمنية في العاصمة، وإمكانية الدخول والخروج من وإلى المدينة بشكل حر".
ويأتي هذا التقرير بشكل متعارض من مئات التقارير الحقوقية والصحفية التي تحذر السوريين من العودة إلى مناطق سيطرة النظام لاستمرار عمليات الاعتقال التعسفي والموت تحت التعذيب في سجون النظام وميليشياته.

 

ذات صلة